اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
آراء الفقهاء في حكم البسملة رأي أبي حنيفة : يرى الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه أن البسملة آية تامة من القرآن الكريم أنزلت للفصل بين السور وليست آية من الفاتحة .
رأي مالك : ويرى الإمام مالك رضي الله عنه أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من شيء من سور القرآن .
رأي الشافعية والحنابلة : ويرى الشافعية والحنابلة رضي الله عنهما أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة
دليل الحنفية : واستدل الحنفية على ما ذهبوا إليه بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصل السورة , وأنها قد انتهت حتى ينزل عليه ( بسم الله الرحمن الرحيم ) واستدلوا بالأحاديث الواردة التي تدل على عدم قراءة البسملة في الصلاة الجهرية قبل قراءة الفاتحة وحكموا بأن البسملة آية من سورة النمل وهي آية من القرآن الكريم وليست آية من الفاتحة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وكثيراً من أصحابه رضي الله عنهم كانوا لا يجهرون بالبسملة أثناء صلاتهم .
دليل المالكية : واستدل المالكية على ما ذهبوا إليه بأن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من القرآن وإنما جيء بها للتبرك فقط بالأدلة الآية : استدلوا بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون ( بالحمد لله رب العالمين )
وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : قمتُ وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) إذا افتتح الصلاة .
وفي هذا الحديث دليل على أن البسملة ليست آية من الفاتحة أو من القرآن الكريم لأنها لو كانت من الفاتحة أو القرآن لسمعها الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولكن ثبت أن أبابكر وعمر وعثمان كانوا لا يقرءون البسملة فإن هذا يدل على عدم ثبوتها آية من الفاتح أو القرآن كما استدلوا أيضاً بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عزوجل : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل , فإن قال العبد ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالي : حمدني عبدي . وإذا قال العبد ( الرحمن الرحيم ) قال الله تعالى : أثنى علي عبدي . وإذا قال العبد ( مالك يوم الدين ) قال الله تعالى : مجدني عبدي . فإذا قال ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فإذا قال ( إهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغصوب عليهم ولا الضالين ) قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل
واستدل المالكية أيضا بقولهم : لو كانت البسملة آية من الفاتحة لكان هناك تكرار في ( الرحمن الرحيم ) في وصفين : واصبحت السورة هكذا ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم ) وذلك مخل ببلاغة النظم الكريم .
دليل الشافعية والحنابلة : استدل الشافعية والحنابلة على أن البسملة آية من الفاتحة بما يأتي : عن قتادة رضي الله عنه قال : سئل أنس كيف كانت قراءة النبي عليه الصلاة والسلام فقال : كانت مدا ثم قرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) يمد ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم .
وهذا الحديث يدل على مشروعية قراءة البسملة وعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمد قراءته في البسملة وقد استدل بهذا الحديث القابلون بقراءة البسملة في الصلاة , لأن كون قراءته على الصفة التي وصفها أنس تستلزم سماع أنس لقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ذكره أنس يدل على مطلق قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارجها .
واستدلوا أيضا بما روته السيدة أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( الحمد لله رب العالمين ) وعد البسملة آية من الفاتحة .
كما أن الصحابة رضوان الله عليه أجمعين أثبتوا البسملة فيما جمعوا من القرآن وكتبوها في المصحف من غير أن ينكر عليهم أحد صنيعهم فدل ذلك على أن البسملة آية من الفاتحة .
الترجيحوالأرجح في هذه المسألة هو القول بقرآنية البسملة وأنها من القرآن الكريم بقطع النظر عن كونها آية من الفاتحة أو آية من كل سورة وأن القول بعدم قرآنية البسملة قول باطل .
ما يترتب على هذا الخلاف من أثار فقهية
لقد رأينا أن الفقهاء اختلفوا في حكم البسملة هل هي آية من الفاتحة ؟ أو من كل سور ؟ أو ليست من القرآن ؟
وقد ذكرنا أدلة كل فريق من هؤلاء ورأينا أن الباعث على اختلافهم هو تعارض الآثار الواردة في هذا والذي يترتب على هذا الخلاف أن من جعل البسملة آية من القرآن ولم يجعلها من الفاتحة على وجه الخصوص لم يوجب قراءتها في الصلاة , وإنما تقرأ على سبيل الإستحباب فقط وهذا مذهب الحنفية .
أما من يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة من سور القرآن الكريم فإنه أوجب قراءة البسملة في الصلاة عند قراءة الفاتحة وهذا هو مذهب الشافعي وأحمد
وعلى ذلك فإن الصلاة لا تبطل بسبب ترك البسملة إلا عند الشافعي وأحمد رضي الله عنهما .
أما مالك وأبوحنيفة فلا تبطل الصلاة عندهما بسب ترك البسملة